" أموالهم في الأرض ووجوههم على النار"

يونيو 2, 2025 - 08:39
يونيو 2, 2025 - 08:41
 0  9
" أموالهم في الأرض ووجوههم على النار"

" أموالهم في الأرض ووجوههم على النار"

كتبت:  رشا لاشين

في أيامٍ أقسم بها الله، ورفع من شأنها، وقال في محكم التنزيل:
"وَالفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ"،
نقف على أعتاب مواسم العطاء، حيث تُرفع الأعمال، وتُجزل الأجور، وتُفتح أبواب السماء لمن بسط يده بالعطاء.

ومع ذلك، ترى من بيننا من أغلق يده، وقسَّى قلبه، واتهم الساعين في الخير بالاحتيال، والتجار في المعروف بالكذب، والباحثين عن لقمة للفقراء بالتسول المقنع.
ترى بعضهم إذا ما طُلب منه سهمٌ في صك أضحية، أو شق تمرة في سبيل الله، قال: "أخشى أن أُخدع!"
ولكنه لا يخشى الخداع حين يُنفق آلاف الجنيهات في حفل أو مأدبة، أو يشتري ما لا حاجة له به من متاع الدنيا الفاني.

أين كانت تلك الحِيطة حين اشتريتَ ما لا تحتاج؟
أين كان ذلك الشك حين سلّمت مالك لمتجر أو بائع أو سمسار؟
ولماذا لا يظهر هذا الحذر إلا عند بابٍ من أبواب الجنة، اسمه "الصدقة"؟

أتعلم ما أخطر ما في الأمر؟
أن البخل قد تنكر في هيئة "حكمة"،
وأن الجشع لبس عباءة "الحرص"،
فلم يعد الغني يعرف أنه ظالم،
ولا يعلم أن خوفه من النصب قد حرمه من الرزق الحقيقي...
رزق الدعاء من قلب يتيم، وبركة تأتي من ظهر محتاج.

*عبرة رجل حضرته الوفاة...

يحكى أن رجلًا حضرته الوفاة، فنطق بثلاث كلمات غريبة:
"ليته كله... ليتها الجديدة... ليته لنهايته."
ثم فاضت روحه.

ولم يفهم أبناؤه معنى عباراته، حتى قصّوا الأمر على شيخٍ عارف بالله، فقال:
أبوكم تصدّق بنصف رغيف على فقير، واحتفظ بالباقي.
وأوصل أعمى إلى منتصف الطريق، ثم تركه.
واشترى ثوبًا جديدًا، وأعطى القديم صدقة.

فلما حضرته سكرات الموت، وأُزيح له الستار عن ثواب ما قدم، رأى الجزاء العظيم، فتمنى أن يكون قد أعطى الرغيف كله، والثوب الجديد، وأن يكمل مع الأعمى الطريق.
لكن أمنيات الموتى لا تُعيد ما فات.

الأمثلة لا تُحصى... ولكن أين القلوب؟

*رجل سقى كلبًا، فغفر الله له.

*امرأة دخلت النار في هِرّة حبستها.

شاب تصدّق بجنيه، فرفع الله عنه بلاء كان في الطريق إليه.

ما تُقدّمه في سبيل الله، وإن قلّ، فإنه لا يضيع.
إنها قوانين السماء التي لا تُخطئ:
"وما تنفقوا من شيء فهو يُخلفه، وهو خير الرازقين."

في العشر الأوائل... حيث تُضاعف الحسنات

نحن الآن في أيامٍ هي من أحب الأيام إلى الله،
وقد روى النبي ﷺ:
"ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام."
فكيف بمن يُحسن، ويتصدق، ويشارك في إطعام مسكين أو كسوة يتيم أو فرحة عيد فقير؟

إن صك الأضحية باب من أعظم أبواب الخير، لا يُفتح إلا لمن رقّ قلبه، وخفّت روحه، وارتجف وجدانه إذا رأى فقيرًا لا يجد ما يطعم به أبناءه في صباح العيد.

النار في هيئة الذهب... والمال الذي بُخل به

قال الله تعالى في سورة التوبة:

 "يوم يُحمى عليها في نار جهنم، فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون."

ويقول المفسرون:
إن الذهب والفضة التي كُنِزت، ولم يُخرج منها حق الله، توقد عليها نار جهنم، وتُحمى بها، ثم تُكوى بها أجساد أصحابها، لا لأنهم جمعوا المال، بل لأنهم منعوا حقّ الله فيه.

في الآخرة، سيُبعث البخيل، وقد صار ماله نارًا تلازمه،
في هيئة ما كان يعشقه، ويتعلّق به، ويستخسر أن يُطعِم منه فقيرًا.
فإذا استغاث، قيل له:
"هذا ما كنزتم لأنفسكم..."
فذوقوا عاقبة البخل، وندم التقصير.

أيها الغني... كن واسطة رحمة

ربّما لم تكن ممن يذبح، ولا ممن يسعى، ولكن يكفيك أن تُشارك.
أن تفتح يدك لله، فيفتح لك الله أبواب رزقه ورضاه.
أن تُدرك أن ما تُخرجه، هو ما يُبقِيك.
وأن المال الحقيقي، ليس ما في جيبك، بل ما تُقدّمه في سبيل الله.

دعوة ختام:

افتح يدك، وافتح قلبك، وقل:
"اللهم اجعلني مفتاحًا للخير، مغلاقًا للشر، ولا تجعلني ممن حُرموا بركة العطاء، ولا ممن خُتمت على قلوبهم، فنسوا أن المال مال الله، ونحن فيه مجرد أمناء."
#رشا_لاشين

ما هو رد فعلك؟

إعجاب إعجاب 0
عدم الإعجاب عدم الإعجاب 0
أحب أحب 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
واو واو 0